أقام شادي طلعت رئيس منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية
والديمقراطية، بصفته وكيلاً عن الاستاذة/ مرفت مرسي عبدالله، القاطنة
بحي مصر الجديدة الدعوى رقم 73126 لسنة 75 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري،
لوقف أعمال التعدي على (حديقة الميريلاند).
لما في هذا الأمر من خروج وتجاوز على القانون، كما أنه أمر يسيء إلى كافة سكان
وقاطني حي (مصر الجديدة)، في الشقين المدني والأدبي.
وهذا نص الدعوى القضائية الذي يتضمن شرح واف :
دعوى القضاء الإداري المقدمة من السيدة/ مرفت مرسي عبد الله مرسي،
ومحلها المختار مكتب الأستاذ/ شادي طلعت المحامي، ضد كل من :
أولاً السيد/ رئيس حي مصر الجديدة.
ثانياً السيد/ وزير التنمية المحلية.
ثالثاً السيد/ محافظ القاهرة.
رابعاً السيد/ رئيس مجلس الوزراء.
الموضوع
حيث صدر قرار سلبي من
المدعى عليهم بهدم، وإستقطاع جزء كبير من حديقة الميريلاند، قد يمتد إلى كافة
مساحتها، وهو قرار علم به سكان حي مصر الجديدة، ومنهم (الطاعنة) بتاريخ 23
سبتمبر 2021م، بدعوى إقامة نصب تذكاري كما أعلن، والواقع أن الحديقة تستغل
لشأن تجاري !، وفي كلا الأحوال فإن التعدي على (حديقة الميريلاند) يخالف ويخرق
الدستور، والقانون. فــ الحديقة تعدُ أكبر حدائق حي (مصر الجديدة)، فهي تقع على مساحة 50 فدان وتمتد على طول ثلاث محطات للمترو، ويعود تاريخ إنشائها إلى سنة 1949م، تحت اسم نادي (سباق الخيل)، منذ (البارون إمبان) صاحب أراضي مصر الجديدة، وبعد قرارات التأميم تم نقل نادي سباق الخيل إلى منطقة نادي الشمس، وسمي
بعد ذلك بنادي الفروسية، وفي عام 1958م، تم
تخطيط المكان لتكون به حديقة مكان النادي، وأطلق عليها اسم الميريلاند.
إنها تاريخ وتراث وعراقة والمتنفس الوحيد لسكان مصر الجديدة.
وطبقاً للتقارير، والأبحاث في مجال البيئة، والصحة العامة، فإنها قد
توصلت إلى نتيجة تضع الحقائق جلية أمام عدالة المحكمة، مما يعضضد موقف الطاعنة في
دعواها الماثلة، ومفاد تلك القارير، والأبحاث للمتخصصين في مجال البيئة والصحة
العامة، من قاطني (مصر الجديدة) يتمثل في التالي :
-
في الوقت الذي تسعى فيه أفريقيا لتنفيذ برنامج طموح في 20 دولة من دول القارة، يهدف إلى
غرس أشجار على مساحات تمتد مائة مليون هكتار، أي ما يعادل تقريبا مساحة مصر، وذلك
قبل حلول عام 2030م، فإن مصر قد أزالت 390 ألف متر مربع من المساحات الخضراء خلال 4 أشهر فقط.
-
وعندما يتخذ مسئول قرارا بإقتطاع شجرة، فإنه لا يعلم حجم
الخسارة التي تتكبدها البيئة، حيث نخسر باقتطاع تلك الشجرة امتصاص 21 كيلو جرام من
الكربون.
وبالرغم
من وجود قوانين تجرم إقتطاع الأشجار، إلا أنه لا يوجد شكاوى رسمية، ضد أي شخص أو مسئول
يزيل شجرة.
ووفقا
لقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994م، المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، الخاص بقطع
الأشجار، يعاقب كل من يتعدى على الأشجار بالقطع، بالحبس والغرامة بمبلغ لا يقل عن
5 آلاف جنيه، ولا يزيد على 50 ألف جنيه، مع مصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة في إرتكاب
المخالفة.
وبحسب
بعض التقارير، فإنه قد أزيل 390 ألف متر مربع من المساحات الخضراء في غضون أربعة
أشهر، أي ما يوازي أكثر من 50 ملعبا لكرة القدم، وهو ما يفيد بإستفحال تلك
القرارات التي تصدر بدون الرجوع إلى وزارة البيئة، أو تقديم دراسات لتقييم الأثر
البيئي، وإستيفاء الإشتراطات.
وقد
أكدت العديد من القوانين، على حق الفرد في بيئة صحية سليمة، وأن حمايتها واجب وطني،
وتلتزم الدولة بإتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها وفقا للمادة 46 من الدستور.
فيما
ألزمت المادة 21 من قانون البيئة كل حي وكل قرية بتخصيص مساحة لا تقل عن ألف متر
من أراضي الدولة لإقامة مشتل.
والمادة
162 من قانون العقوبات التي تعاقب كل من أتلف أو قطع أشجارا بالحبس والغرامة، وهو
غير معمول به حاليا خلال أعمال التطوير.
ورغم
اتفاقية تغير المناخ التي وقعت عليها الحكومة المصرية، وتلزم أطرافها بالتصدي للتهديد
الذي يشكله تغير المناخ.
لا
تمتلك وزارة البيئة حق الإعتراض ووقف إزالة الأشجار، إلا عن طريق إقامة دعوى
قضائية بعد إنتهاء الواقعة سواء بناء على شكوى أو العلم بالواقعة بالمصادفة.
وقد
إعتبر عدد من المتخصصين في المجال البيئي أن التغييرات التي يتم تنفيذها مؤخرا
تعتبر :
(أعمالاً
تخريبية)، حيث تساهم تلك القرارات في تدمير الرئة الخضراء لأغلب المناطق التي كان
يسودها مساحات خضراء واسعة.
وقد أكدت الأمم المتحدة في يوم البيئة العالمي، على بذل
مزيد من الجهد لتخفيف وطأة تغير المناخ، وتعزيز التنمية المستدامة، واستعادة
النظام الإيكولوجي، من أجل أن تسترد الأرض عافيتها.
وبحسب تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية عام 2016م، كشف
آنذاك تخطي نسب التلوث في مصر المؤشرات الدولية بمعدل 7 أضعاف، وذلك نتيجة لكثرة
المخلفات، وعوادم المصانع، والسيارات، وغيرها من ملوثات البيئة، كما تحتل محافظة القاهرة
المركز الـ 34 في قائمة (أكثر مدن العالم تلوثاً).
وحيث أن الشجر يساهم بشكل كبير في الحفاظ على البيئة
والتغير المناخي، فإن الشجر الذي يبلغ عمره 50 عاماً وأكثر يساهم في إمتصاص 21
كيلو جرام من الكربون، وعدم تواجده يعني عدم التخلص من تلك النسبة.
----------------------------------------
الدستور
والقانون
نصت المادة 46 من الدستور على التالي :
(( لكل شخص الحق في بيئة صحية سليمة، وحمايتها واجب
وطني. وتلتزم الدولة بإتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها،
والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة وضمان حقوق
الأجيال القادمة فيها )).
ونص القانون رقم 144 لسنة 2006م، فى شأن تنظيم هدم
المبانى، والمنشآت غير الآيلة للسقوط، والحفاظ على التراث المعمارى، والمعدل
بالقانون رقم 3 لسنة 2020م، على التالي :
(( يحظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمباني، والمنشآت
ذات الطراز المعماري المتميز المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي
تمثل حقبة تاريخية أو التي تعتبر مزاراً سياحياً، وذلك مع عدم الإخلال بما يستحق
قانونًا من تعويض، ولا يجوز هدم ما عدا ذلك أو الشروع في هدمه إلا بترخيص يصدر وفقاً
لأحكام هذا القانون )).
ووفقا للقانون، يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بمعايير
ومواصفات المباني والمنشآت المشار إليها، وذلك بناء على اقتراح الوزير المختص
بشئون الثقافة بالاتفاق مع الوزراء المختصين وبعد موافقة مجلس الوزراء، ويصدر
بتحديد هذه المباني والمنشآت قرار من رئيس مجلس الوزراء.
كما نص قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009م :
(( معاقبة كل من يتعدى على الأشجار بالقطع، بالحبس والغرامة بمبلغ لا
يقل عن 5000 جنيه، ولا يزيد عن 50000 جنيه، ومصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة في
ارتكاب المخالفة )).
كما نص قانون العقوبات المادة 361 المستبدلة بموجب القانون رقم 120 لسنة 1962،
والفقرة الثالثة معدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1992م، على التالي :
(( كل
من خرب أو أتلف عمدًا أموالاً ثابتة أو منقولة لا يمتلكها أو جعلها غير صالحة
للاستعمال أو عطلها بأي طريقة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا
تتجاوز 300 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
فإذا
ترتب على الفعل ضرر مالي قيمته 50 جنيهًا أو أكثر كانت العقوبة الحبس مدة لا تجاوز
سنتين وغرامة لا تتجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون
العقوبة السجن مدة لا تزيد على 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 جنيه، ولا تتجاوز ألف
جنيه إذا نشأ عن الفعل تعطيل أو توقيف أعمال مصلحة ذات منفعة عامة أو إذا ترتب
عليه جعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر )).
ونصت
المادة "367" عقوبات على التالي :
(( يعاقب
بالحبس مع الشغل :
أولا:
كل من قطع أو أتلف زرعاً غير محصود أو شجرًا نابتًا خلقه أو مغروسًا أو غير ذلك من
البنات.
ثانيا:
كل من أتلف غيطًا مبذورًا أو بث فى غيط حشيشاً أو نباتاً مضراً.
ثالثا:
كل من اقتلع شجرة أو أكثر أو أي نبات آخر أو قطع منها أو قشرها ليميتها، وكل من
أتلف طعمة في شجر.
ويجوز
جعل الجانين تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر )).
وحيث أن كلمة (شجرة) تطْلَقُ أيضاً على (( كلِّ نبات غير
قائم ))، وحيث أن الدستور،
والقانون، عندما نص على حماية (الأشجار)، فإنه لم يحدد لها وصف أو تفاصيل.
وبالتالي فإن المشرع قد قصد التطرق إلى حماية كافة النباتات في الحدائق ذات
المنفعة العامة، بما في ذلك (الحشائش الخضراء) لأنها بدورها تساهم في
حماية البيئة بنفس القدر الذي تساهم فيه النباتات القائمة على أغصان خشبية.
لذلك : فإن المدعى عليهم، إن ظنوا أنهم بإبقائهم على بعض
الأشجار في (حديقة الميريلاند)، وكانت حجتهم أنهم أزالوا (الحشائش الخضراء) فقط
!، فإنهم لم ينتبهوا إلى قصد المشرع الذي هدف إلى حماية (الحدائق)، بكُل
ما تحتويه من نباتات بما في ذلك الــ (حشائش الخضراء)، لأن كلمة (شجرة)، التي
وضعها المشرع، قد صيغت بشكل عام، من دون اوصف أو تفصيل، بغرض الحماية لــكُل أنواع
الزرع في الحدائق.
ونظراً لما تمثله (حديقة الميريلاند) من
أهمية لكافة سكان مصر الجديدة، وحيث أنهم ومنهم الطاعنة متضررون، وحيث أن قرار
الهدم والإستقطاع قد علم به سكان مصر الجديدة بتاريخ 23 سبتمبر 2021م.
شادي طلعــت